الإسلام بين الغلو والجفاء والإفراط والتفريط
توسط الإسلام بين اليهودية والنصرانية
1- اليهودية:
لقد ثبت أن دين النبي موسى اسم> - عليه السلام- الذي يدين به أتباعه من اليهود كان دينا سماويا، اختاره الله وفضله في ذلك الوقت؛ ولكنه مؤقت بإرسال النبي محمد اسم> -صلى الله عليه وسلم- فمنذ أن بعث الله محمدا اسم> -صلى الله عليه وسلم- وذلك الدين منسوخ.
ولقد دخل الدين اليهودي التحريفُ والتبديل بعد أنبيائهم، وما ذاك إلا أن الله ضمنَ حفظ الشريعة الإسلامية رأس> بنفسه، فقال -تعالى- رسم> إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ قرآن> رسم> فتكفل بحفظ هذه الشريعة من أن يدخلها شيء من الزيادة أو النقص أو التغيير.
أما الشرائع الأخرى فقد وكَّل حفظها إلى علمائها وأحبار أمتها، كما في قوله تعالى: رسم> بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ قرآن> رسم> فكان ذلك سببا في وقوع التحريف والتبديل في الشرائع السابقة مما جعلها غير ملائمة. ثم بعدها بعث الله سبحانه وتعالى محمدا اسم> -صلى الله عليه وسلم- وحفظ هذا الدين بنفسه فأصبح هو الدين الوحيد الملائم للبشرية.
ومن التحريف الذي حصل في اليهودية على سبيل المثال: اعتقادهم في عيسى اسم> بأنه ولد بغي! وأن أمه زانية! حيث رموها ببهتان عظيم، كما قال تعالى: رسم> وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا قرآن> رسم> تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
2 - النصرانية:
وهناك دين النصرانية الذي يدين به اليوم عدد كبير جدا من أهل الأرض، ولا شك أن دين المسيح ابن مريم اسم> عليه السلام كان دينا سماويا؛ ولكن كان مؤقتا بإرسال محمد اسم> -صلى الله عليه وسلم- كغيره من الأديان السابقة، وهو الذي بشر برسالة نبينا محمد اسم> -صلى الله عليه وسلم- في قوله: رسم> وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ قرآن> رسم> .
وقد أخذ الله الميثاق عليه - بل وعلى كل الأنبياء- أن يتبعوا نبينا محمد اسم> -صلى الله عليه وسلم- متى بُعث، فقال -تعالى- رسم> وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قرآن> رسم> .
قال ابن عباس: اسم> ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بُعث محمد اسم> وهو حي ليؤمنن به وينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد اسم> وهم أحياء، أن يتبعوه ويؤمنوا به وينصروه . ذكره ابن كثير اسم> عند تفسير هذه الآية.
ثم جاء النصارى، فزادوا غلوًّا، ورفعوا عيسى ابن مريم اسم> وأعطوه ما لا يستحقه!
فحكى الله عنهم أنهم قالوا: رسم> إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قرآن> رسم> وكذلك حكى عنهم أنهم قالوا: رسم> وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ قرآن> رسم> وكذلك كفر من يقول إن الله ثالث ثلاثة، يعني الله، وعيسى اسم> وأمه، كما في قوله تعالى: رسم> أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قرآن> رسم> .
3- الإسلام:
ثم جاء الإسلام فتوسط بين هؤلاء وهؤلاء، فلا إفراط ولا تفريط، لا إفراط كالذين زادوا وقالوا: هو الله! أو ابن الله! أو ثالث ثلاثة! ولا تفريط كالذين قالوا: إن المسيح ابن بغي!
بل شهدوا أن عيسى اسم> عبد الله، ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، اسم> كما في قوله تعالى: رسم> مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ قرآن> رسم> .
فشهد له بأنه رسول، وأكد ذلك في قوله تعالى: رسم> وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ قرآن> رسم> فهو رسول كسائر الرسل، وهذا هو القول الوسط، لا إفراط ولا تفريط.
مسألة>