شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
الإسلام بين الغلو والجفاء والإفراط والتفريط
17425 مشاهدة
توسط الإسلام بين اليهودية والنصرانية

1- اليهودية:
لقد ثبت أن دين النبي موسى - عليه السلام- الذي يدين به أتباعه من اليهود كان دينا سماويا، اختاره الله وفضله في ذلك الوقت؛ ولكنه مؤقت بإرسال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فمنذ أن بعث الله محمدا -صلى الله عليه وسلم- وذلك الدين منسوخ.
ولقد دخل الدين اليهودي التحريفُ والتبديل بعد أنبيائهم، وما ذاك إلا أن الله ضمنَ حفظ الشريعة الإسلامية بنفسه، فقال -تعالى- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ فتكفل بحفظ هذه الشريعة من أن يدخلها شيء من الزيادة أو النقص أو التغيير.
أما الشرائع الأخرى فقد وكَّل حفظها إلى علمائها وأحبار أمتها، كما في قوله تعالى: بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فكان ذلك سببا في وقوع التحريف والتبديل في الشرائع السابقة مما جعلها غير ملائمة. ثم بعدها بعث الله سبحانه وتعالى محمدا -صلى الله عليه وسلم- وحفظ هذا الدين بنفسه فأصبح هو الدين الوحيد الملائم للبشرية.
ومن التحريف الذي حصل في اليهودية على سبيل المثال: اعتقادهم في عيسى بأنه ولد بغي! وأن أمه زانية! حيث رموها ببهتان عظيم، كما قال تعالى: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
2 - النصرانية:
وهناك دين النصرانية الذي يدين به اليوم عدد كبير جدا من أهل الأرض، ولا شك أن دين المسيح ابن مريم عليه السلام كان دينا سماويا؛ ولكن كان مؤقتا بإرسال محمد -صلى الله عليه وسلم- كغيره من الأديان السابقة، وهو الذي بشر برسالة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في قوله: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ .
وقد أخذ الله الميثاق عليه - بل وعلى كل الأنبياء- أن يتبعوا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- متى بُعث، فقال -تعالى- وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ .
قال ابن عباس: ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بُعث محمد وهو حي ليؤمنن به وينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء، أن يتبعوه ويؤمنوا به وينصروه . ذكره ابن كثير عند تفسير هذه الآية.
ثم جاء النصارى، فزادوا غلوًّا، ورفعوا عيسى ابن مريم وأعطوه ما لا يستحقه!
فحكى الله عنهم أنهم قالوا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وكذلك حكى عنهم أنهم قالوا: وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وكذلك كفر من يقول إن الله ثالث ثلاثة، يعني الله، وعيسى وأمه، كما في قوله تعالى: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ .
3- الإسلام:
ثم جاء الإسلام فتوسط بين هؤلاء وهؤلاء، فلا إفراط ولا تفريط، لا إفراط كالذين زادوا وقالوا: هو الله! أو ابن الله! أو ثالث ثلاثة! ولا تفريط كالذين قالوا: إن المسيح ابن بغي!
بل شهدوا أن عيسى عبد الله، ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، كما في قوله تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ .
فشهد له بأنه رسول، وأكد ذلك في قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فهو رسول كسائر الرسل، وهذا هو القول الوسط، لا إفراط ولا تفريط.